قصه{الحديقة المشؤومة} التى جذبت انتباه كل النقاد.................

أرجوك... فقط دقيقتين، لا أظن أنها ستأخذ الكثير من وقتك..
ولا جواب... إنها لا تعبأ بي حتما..
ربما أبدو وقحا بهذه الطريقة ولكنها لم تتح لي أية فرصة... لماذا يا ترى ؟.. لا أعرف.. ربما سأعرف فيما بعد، أما الآن فهناك خطة علي إكمالها..
لا زلت وراءها في هذا الشارع المزدحم، إنها تسير بسرعة مبالغ فيها وأنا أصر على تباعها..
بدأت أشعر بنوع من الملل.. لابد أن أجد حلا لكل هذا... أنا لن أظل للأبد أهرول وراءها بهذا الشارع اللانهائي !..
استجمعت أنفاسي ونظرت حولي قبل أن أتوجه نحوها فجأة و... و أمسكها من كتفها..
التفتت مندهشة من تصرفي المباغت، و وقف الزمن لحظة و عيناي تتفحصان وجهها الجميل..

- عفوا، لم أرغب في إيقافك بهذه الطريقة، ولكنه الحل الوحيد المتبقي أمـامي..
- مـاذا تريد ؟
- لا داعي للانفعال... ربما سيكون من الأفضل أن نتكلم في مكـان أكثر هدوءا !..
- على ماذا نتكلم ؟.. وأي مكان تقصد ؟.. أنا لا أعرفك حتى !
- ليس مشكلا إن لم نكن نعرف بعضنا..
- هيا قل ما عندك..
التفتت حولي، ثم قلت وعيناي لا تفارقان وجهها:
- لن أطيل عليك، سأدخل مباشرة لقلب الموضوع..

( لقد رأيتك أول مرة بالكلية.. كـان هذا قبل شهر تقريبا.. وقد وجدتك فعلا مختلفة... جميلة و هـادئة.. ولا شك أن نظراتي الفضولية لم تخف عنك !... المهم.. أردت معرفة ذلك الشعور الغريب الذي تملكني في الأيام التالية فلم أستطع.. كما حاولت تجاهلـك ففشلت... لم أجد دواء لذلك الحنين الذي أشعر به كلما غادرت الكلية..
كـانت تنظر للأرض، شاردة الذهن وقد زال عنها التوتر..
(... لم أخبر أحدا بشعوري، سوى أقرب صديق لقلبي، عزيز، عزيز الفيشاوي... ليس مهما الاسم على أية حـال.. غير أنه لم يسبق أن رآك رغم رغبته في ذلك، و...

- ما الأمر، لماذا تبكين ؟..
- لا شيء..
قالتها، ومسحت دمعة خجولة تسيل ببطء على خدها، ثم حاولت أن تبدو صارمة كما كانت وهي تقول:
- عندي عمل يجب علي القيام به..
أرادت الانصراف، ولكن يدي أمسكتها من كتفها ثانية..
- نصف دقيقة فقط..
لم تحاول الاعتراض هذه المرة على ما يبدو..

*****************

(...أردت إخبارك بالأمر، ولكن نظرا لخجلي الشديد ترددت كثيرا في البداية، ترددت لدرجة وصلت فيها إلى مرحلة من اليأس و الإحباط... ولكن سـرعان ما قررت التكلم إليك مهما يكن الثمن، وذلك لسبب واحد فقط، لقد أردتك أن تعلمي بحبي...
رفعت رأسها عند سماعها الكلمة الأخيرة، ونظرت لي بعينين تتراقص فيهما الدموع..
فواصلت وأنا لا أفهم سبب بكائها:
(... وهاأنذا أمامك أنتظر منك ردا..
التفتت حولها، ثم نظرت إلى عيني و قالت:
- ليس عندي ما أقوله...
همت بالانصراف عندما أمسكتها مرة أخرى..
- دعني و شأني..
لقد قالتها بعصبية مفاجأة جعلتني أرفع يدي من فوق كتفها ببطء..
ثم انصرفت بسرعة تاركة إياي في خيبة أمل لا توصف...

*****************

كنت ذلك المسـاء أمشي على جـانب الطريق وأنا أدندن بصوت خافت، كان الجو جميلا حقا، إنه وقت الغروب، حيث نسيم بارد يلفح وجهي برقة...
فكرت في الجلوس قليلا، ولقد كانت قربي حديقة بالصدفة.. جلست بمرح فوق مقعد وأنا لازلت أدندن دون توقف، التفتت حولي، هناك أطفال يركضون ضاحكين وأم تنصحهم بعدم الابتعاد.. شاب يلتهم البشارة شارد الذهن.. عجائز يتكلمون بصوت مرتفع.. شاب وشابة يتحدثان بنوع من الخجل..و.. لحظة !.. ربما أعرف ذلك الشاب.. لا بل أكثر من هذا.. إني أعرف الشـابة أيضا.. توقفت عن الدندنة و احتبس الأوكسجين في حلقي، وربما توقف قلبي عن النبض أيضا..
لم أبدي أية حركة.. لقد أصابني نوع من الشلل أمام ذلك المشهد..
لم أعرف كم مر من الوقت حتى التفتت ليلتفت بدوره...
تغيرت ملامحها فجأة بينما أشار لي هو بيده وبعد أن لاحظ أني جامد تماما.. بدا عليه عدم الفهم..
هـنا وهنا فقط تذكرت شيئا مهما، مهما جدا، لأنه جعلني أفهم كل شيء.. كل شيء..

*****************

... لم أخبر أحدا بشعوري، سوى أقرب صديق لقلبي، عزيز، عزيز الفيشاوي...
ليس مهما الاسم على أية حـال..
غير أنه لم يسبق أن رآك رغم رغبته في ذلك، و...
- ما الأمر، لماذا تبكين؟..
- لا شيء..

تمت بحمد الله
للكاتب/ رفعت خالد

» قصه { قارب الحب الوهمي} التى نالت اعجاب الجميع........